الأحد، 17 يوليو 2011

رسالة إلى وزارة التربية والتعليم.. اعيدوا لنا تاريخنا




" الشباب يصنعون التاريخ بقلوبهم ، والعلماء يصنعونه بعقولهم ، والحكماء يصنعونه بأرواحهم ،فإذا تعاون القلب والعقل والروح على صنع التاريخ ،كان تاريخا لا ينطفئ نوره، ولا تخبو ناره ،وكذلك صنعنا التاريخ أول مرة ". ـ مصطفى السباعي.
                  
هنا على هذه الأرض الطيبة ، نسيان وتغييب وتشويه وإقصاء متعمد لما يسمى (التاريخ).. في يوم ما جمعت مناهج الدراسات الاجتماعية من الصف الخامس وحتى التاسع على أمل كتابة دراسة مستفيضة عن وحدات التاريخ فيها كون المناهج متكاملة بمسمى الدراسات الاجتماعية ؛فرأيت بما لا يقبل الشك ومن النظرة الأولى على المحتوى تكاملها فعلا مع كل الألوان الموجودة على صفحاتها ؛ولكن في لاشعوري الانساني لم أصدق ذلك :

ـ فمثلا الطالب /ة الذي يدرس عن الأندلس في الصف الخامس أو السادس ويصل إلى الصف الثاني عشر وهو لم يسترجع كلمة الأندلس في ذاكرته مرة أخرى فهو غير ملام على عدم درايته بها..
 فما بالكم بطالب/ة  الصف السادس الذي يدرس عن الدويلات المستقلة عن الدولة العباسية هذه الوحدة المثقلة بالهموم والأحداث المبتورة اللاموازية لعقل طالب/ة الصف السادس واسألوا الأهالي الذي يتابعون أولادهم عن الصعوبات التى تواجههم معها..
كذلك حدث قبل حوالي ست سنوات تقريبا أن حُذفت وحدة الحروب الصليبية من منهج الصف السادس وهذا التصرف الأحادي غير المعلن للناس عامة يحتمل التأويل خاصة إذا عرفنا كثافة وغثاثة الوحدة لأدركنا أن حذفها من حسن حظ الطالب/ة حتى وإن شاع أن الضغوطات الخارجية هي السبب.. كما لا أستغرب أن يبقى ـ بعد ست سنوات ـ كتاب الدراسات الاجتمياعية للصف السادس في جزءه الثاني بلا وحدة تاريخ!.

ـ قد يبدو مقبولا أن يتكرر موضوع مثل موقع عمان الإستراتيجي أو ان يكون كمدخل للمواضيع الوطنية أو التاريخية ؛ولكن أن ُيبالغ في تكراره في مقابل محتوى أهم مثل التعريف بعلماء عمان وانجازاتهم مع اختلاف مناطقهم ومعارفهم  ..
 كذلك بدلا من هذا التكرار الذي جاوز الحد كان الأجدى إلى جانب ذلك التطرق إلى شخصية صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد حفظه الله حتى ليتأكد لنا أننا غرسنا فيهم حب الوطن عّرفناهم معنى النهضة والعيد الوطني وهذا الجانب المعرفي والقيمي والبرنامج التثقيفي هو الذي أهملته وزارة التربية والتعليم في خضم احتفالاتها بالعيد الأربعين على حساب الجانب المهاري الحركي .

ـ و منذ عشرين عاما تقريبا يُجند الموظفون في وزارة التربية والتعليم ويستعدون من أجل الاحتفال في مظاهر متفاوتة وخاصة بمسابقة المحافظة على النظافة والصحة في البيئة المدرسية ، ولا أعتقد الخطأ من وزارة التربية والتعليم تحديدا ولا أشكك بنبل أهداف المسابقة ولكن المدارس على رأس ادارييها في سعيهم للشهرة والجوائز وقعوا وأوقعوا المسابقة في شرك الشكل فقط .. هل نجحوا في غرس حب البيئة والقيم والمبادى الحسنة في نفوس الطلاب ؟ هل حافظ طلابنا على الممتلكات العامة ومرافق مدرستهم؟ ..
لذا الواجب أن نعود بكتاب التاريخ في جانبه الحضاري ونعلمهم عن حمامات الحضارة الاسلامية العربية لأننا بدون أمثلة تاريخية وخلفية تاريخية لا يمكن أن نغرس الادراك والقيم الايجابية في نفوس الطلاب.

ـ وللعديد من المرات يتكرر موضوع العمانيون في شرقي افريقيا بذات اللغط في الصفين الثامن والتاسع وهما مرحلتان متتابعتان وهذا مبعث الملل لمن يدرسه واسألوا الطلاب في رأيهم . ومن طريف الأمر أن جل الوحدتين منقول بالحرف الواحد من كتاب عمان في التاريخ وللعلم فإن هذا الأخير على أهميته مرجع غير شامل وصورة نمطية لا أكثر عن وجود العمانيين في شرقي افريقيا لذا لا بد أن تشجع الجهات المسؤولة الدراسات العلمية والبحثية التي تتعمق في ذلك ..
ولا بد لي أن أشير في هذا الصدد إلى كتاب المؤلف الفاضل /ناصر بن عبدالله الريامي ( زنجبار شخصيات وأحداث) الذي لا غنى عنه لكل مهتم ومعلم /ة أثناء تدريس هذه الوحدات بكل الإثراء والتشويق الذي يحمله في طياته ..
حتى إذا استخدمه المعلم/ة وغيره من المراجع وُصف بالخارج عن المنهج ومما لا يدخل في الاختبارات وبالتالي يضعف التحصيل الدرسي على حد انتقاد بعض المشرفين/ات .

ـ في العام الدراسي 2000/2001م كنتُ وصديقتي نجهز لقصيدة وطنية عن فلسطين لعرضها في الإذاعة  المدرسية ـ إبان الانتفاضة الفلسطينية ـ وحدث في منتصف البرنامج أن وصلَنا بشخص المديرة نفسها منعنا من العرض ( لا لفلسطين) .. ومن ذلك التاريخ وحتى الآن 2011م ، لا أتذكر تحتى مسمى معلم تاريخ أني دَرست كلمة واحدة عن فلسطين في ظل مناهج الدراسات الاجتماعية ، ولست أرى بالضرورة تقحيم الحروب والصور المروعة أو الاخبار السياسية أو حتى متابعة الصراع الفلسطيني العربي الاسرائيلي في مناهج الدراسات الاجتماعية ولكن هناك ثوابت لهذه الأمة ما كان يجب أن ُتلغى وأيضا كان بالإمكان عدم إغفال
الحضارة والثقافة كجوانب مشتركة مع التاريخ دون اغفال احد الطرفين  في المناهج ولكن شاء أصحاب اللاقرار إن جاز التعبير  أن يستكينوا بعيدا عن التاريخ ؛ لكنهم ذات مرة غفلوا أن طريق اللبان في عمان كان يصل إلى غزة، ليفيض جنون الطلاب  حول موقع هذه الـ (غزة).


 ـ يعرف الطلاب في مدارسنا ثلاثة أشياء حاضرة في أي نقاش وحسب الموقف:
أ.أن الصومال أرض المجاعات!
ب.ابن سينا مجنون في مستشفى !
ج.العرب لا يصنعون شيئا!

ـ هل ستلغي وزارة التربية والتعليم وحدات التاريخ أو كتاب التاريخ من قائمة المواد الدراسية؟ .. راودني هذا السؤال وأنا أصحح اختبارات الثانوية العامة عفوا شهادة الدبلوم العام وذلك في أسئلة مادة العالم من حولي التي لا تمت بصلة كبيرة مع مفهوم التاريخ مثل السؤال الذي يخص فوز أحد فئات المنتخب العماني في الاكوادور ..
ربما تكون هذه المادة جيدة؛  ولكن أن تكتب هكذا: العالم من حولي( التاريخ )..  اعذروني فهذا ظلم وتجني على (التاريخ).

ـ ُيدرس معلم/ة الدراسات الاجتماعية بدون أول أو ثاني .. في مدارس التعليم العام حوالي 240 طالب/ة ، وفي التعليم الأساسي حوالي 175 طالب/ة  .. أورد هذه الارقام كي ندرك مدى تأثير هذا المعلم/ة على أعداد هائلة كما أن هناك فجوة لدى البعض إذا كان بالأساس معلم/ة جغرافيا في التعاطي مع المحتوى التاريخي ..

ـ لا أعرف ما الدور الذي تقوم به المؤسسات التالية أو مدى تعاونها مع وزارة التربية والتعليم :
أ.جامعة السلطان قابوس( كلية الآداب ـ كلية التربية تخصص: التاريخ ـ وحدة الدراسات العمانية ..)
ب. وزارة التراث والثقافة ( الوثائق والمخطوطات والمتاحف والقلاع والحصون..)
ج. الجمعية التاريخية العمانية التي لا تعنى بالتاريخ فقط .

ما عدا المديرية العامة لتطوير المناهج (قسم تطوير مناهج العلوم الانسانية ـ تطوير مناهج الدراسات الاجتماعية ) التي تبدو أهدافها براقة ويمكن الاطلاع عليها من خلال موقع البوابة التعليمية غير أنها بحاجة إلى تخصيص وتفعيل أكبر..

ـ إذا سميت المناهج التي تحتوي على وحدات التاريخ بالدراسات الاجتماعية فالأجدى للتاريخ أن يتقارب مع بقية العلوم في الدراسات الاجتماعية( الفلسفة ـ علم النفس ـ القانون ـ الاقتصادـ الديانات ...) حيث أن  التاريخ جزء من كل في المعرفة وحينها فقط سيتحول التاريخ إلى تاريخ حي ومباشروليس للتاريخ  غنى من الاستفادة من عالم الأدب والفن ..

ـ نحتاج إلى اعمال الفكر الناقد والبناء والابداع في تأليف مناهجنا / معلم/ة مثقف /                                                 الضمير الانساني المستنير/ استشارة جميع افراد العملية التعليمية / أصحاب قرارات جريئة /.....................................................)

وهنا يشرفني أن أستعر وأكرر نداء الباحث محمد بن سعيد الفطيسي : " فيا أيها القائمون على التعليم في العالم العربي ، والمسؤولون عن تطوير مناهجه، أيها المؤتمنون على الأجيال القادمة  أمام الله عز وجل والتاريخ ، اتقوا الله في التعليم ،فإن التعليم لن يصلح ومنه تلك الاجيال سوى إن عدتم به وبها إلى المنهج الرباني القائم على ترسيخ التربية الاسلامية والثقافة الاسلامية والحضارة الاسلامية والتاريخ الاسلامي والعربي، لن يصلح سوى بعودة اللغة العربية إلى الواجهة كلغة أساسية في التعليم المدرسي والجامعي، لن يصلح سوى ان ربيتم تلك الاجيال على مناهج وطنية عربية تزرع في نفوسهم الوطنية والولاء والانتماء لهذا الدين والوطن، لن تصلح الاجيال سوى بزرع القيم الفاضلة وتوثيق تلك القيم من خلال رموزنا الاسلامية والوطنية ".


لينا البلوشي