الأربعاء، 25 يناير 2017

من فيض التدريب والتربية

من فيض التدريب والتربية .. ل( لينا البلوشي)

بعد نوبة سعال في منتصف الليل، ومن أجل حساسية الشعب الهوائية، بعد التعرض للأتربة والغبار والأصباغ المسمومة، و انتقال الانسان والأثاث لموظفي أربع جهات رئيسية وتعرضهم لكل تلك المشقة وعتابهم لبعضهم البعض عن المسبب لذلك، وربما تحسبهم لله عن بعضهم أو لبعضهم أقول:
انتقل مؤخرا مركز التدريب الرئيس التابع لوزارة التربية والتعليم من مبناه المستأجر في الخوير إلى مبنى مركز التدريب والإنماء المهني بالخوير التابع لمديرية التربية والتعليم بمسقط، الذي انتقل إلى مبنى دائرة تنمية الموارد البشرية ودائرة التقويم التربوي بالوطية، وهؤلاء انتقلوا  إلى مبنى مديرية التعليم لمحافظة مسقط بالوطية، التي انتقلت بدورها إلى المبنى القديم لوزارة التربية والتعليم! توهان، أليس كذلك؟ فما بالكم بالواقع!..
مباني متصدعة متآكلة، متفرعة في كل الزوايا، محاطة بأراضي واسعة جرداء غير مستغلة، وأخرى مستأجرة من جهات بعضها حكومي، عفا عليها الدهر وعاش حكاياه فيها ولا زال، ولم تقم وزارة التربية والتعليم باستغلالها او استثمارها. .
اذا كانت وزارة التربية والتعليم ذاتها- حتى تجمع شملها و مبانيها -أخذت أكثر من عشرة أعوام، وكان على المواطن أن يتكبد العناء و يدق هذا المبنى و ذاك ليصل إلى مراده .. فكم ستأخذ من الوقت لتفكر بعقلية استثمارية ؟!
وهنا نطرح  بعض الاسئلة: - لماذا أخذ مركز التدريب الرئيس التابع للوزارة، مبنى مركز التدريب لمحافظة مسقط؟ - لماذا لم ينتقل مركز التدريب الرئيس إلى المبنى الجديد لوزارة التربية والتعليم؟ - لماذا اختفى مشروع بناء مركز تدريب آخر لمحافظةمسقط في السيب الذي سبق وأن اعتمدت ميزانيته قبل عامين تقريبا؟.
بعد عملي في التدريب فترة لا بأس بها، أدركت أن  امتلاك زمام التدريب يكون لعدة جهات مثل دائرة التدريب والتأهيل ودائرة تقييم العائد التدريبي وبينها حلقة الوصل مع مراكز التدريب في كل محافظات السلطنة بشكل أو آخر مركز التدريب الرئيس.. وهذه الصورة البيضاوية يجملها  ظهور المركز التخصصي للإنماء المهني، فتظهر الأدوار مختلطة غير واضحة وبدون تجانس وللتأكيد فإن صفتها الجلية هي اللاتكامل، وإن ادّعوا عكس ذلك..
فها هي إدارات المدارس والهيئات التدريسية ضجت، فهذا معلم يتدرب في مركز التدريب الرئيس، وأياما أخرى يتدرب في مركز التدريب بمحافظته، وأسابيع أخرى يتدرب في المركز التخصصي، وهكذا دواليك. أما محصلة التدريب ( ماهيته) وتقييم التدريب( أثره ونتائجه)، ضائعة وضائقة.
مع العلم، كل جهة لديها احصائياتها متوفرة كميا ووصفيا على الورق والأقراص الملونة، نعم كل جهة من تلك لديها انجازاتها ومسؤليها وموظيفها الذين اجتهدوا ولكن ضلوا..
توزع وزارة التربية والتعليم المسميات مجانا وعلى غير هدى، فمثلا في مجال التدريب برزت عدة مسميات خلال سنوات معدودة فمن أخصائي تدريب الذي أفل حضوره في الوقت الحالي ومرورا بمدرب مساعد ومدرب وليس آخرا بأخصائي تقييم برامج إنماء مهني.. مع ما يتبعه  من سحب مهام وتداخل مهام..
أليس جميلا على سبيل المثال أن تدرب مرة أو مرتين خلال عام واحد مع حصولك على مبالغ الساعات التدريبية  ثم يمكنك الجلوس في مكانك طوال العام .
أما البرامج التدريبية فهي صيغة أخرى من الجهل وسوء الاختيار، فقد حدث أن حضرت برنامجا تدريبيا ل٣٠٠ متدرب من المعلمين والإداريين كمنظم وجلست استمع للمدرب فإذا بي اسمعه يذكر مثالا علميا كنت قد سمعته قبل اكثر من ١٥ عاما وانا على مقاعد الدراسة وليست المسألة في ذكر المعرفة وتشابهها وإنما ضحالة هذا المثال .. اذكر يومها سألني مسؤولي عن البرنامج والمدرب،فبينت له ما كان ،فقال لي: بس المعلمين مستمتعين وعاجبهم ..
نعم بالنسبة لأولئك المعلمين هو جديد وما يقدمه مبهر؛ لكن لا يمكنني أن أرضى بتساوي الجهل مع المعرفة، بتعامي قلوب كثير من الموظفين عن القراءة والإطلاع..
من الجيد أن توقفت نوعية تلك البرامج ولكن زالت الكثير من الجهات تقيم ملتقياتها وبرامجها في أفخم الفنادق والقاعات مع توفر  أطيب المأكولات.. لتصبح عبارة مثل عشان استانس أو استانسنا بالبرنامج شائعة على رأي مديرة مدرسة..
أما الفقاعة التي ليس لها مثيل فهو ذلك المدرب الخبير الدكتور المستشار الذي أظنه سيؤلف كيف تصبح مليونيرا .. الذي درب في كل زاوية في وزارة التربية والتعليم وكل قسم وربما كل محافظة، الذي امتلك من العلم الكثير لدرجة ان له السلطة بالتحدث عن الخطط الخمسية بالسلطنة وما إلى ذلك .. ويأتي دور المستمعين مشاركا كان أو مسؤولا بالتصفيق ودعوته وأمثاله لتدريب آخرين .
لماذا هؤلاء؟ لماذا المتاجرة بالعقول؟ لماذا نجامل ونمدح في وجوه بعض؟ لماذا لانقول بأننا فشلنا..
هناك مثال أخير  قد لا يلتفت إليه حتى العاملون في مجال التدريب وهو وجود مكتبة في أغلب مراكز التدريب بالمحافظات ومناسبة الحديث هو أن هذه المكتبات بها كنوز علمية وتربوية ويحدث أن مركز التدريب الرئيس يشتري الآف سنويا من معرض مسقط الدولي للكتاب ويقوم بتوزيعها لمكتبات مراكز التدريب؛ ولكن هيهات أن تكتمل الصورة فثلث الكتب دائما تأتي مكررة عن الأعوام السابقة حتى الأرفف تضج منها ..
لا ننكر الجهود ونسمع عن التدريب الالكتروني والبرنامج الالكتروني القادم لكن لا نريد عملا آليا بلا روح، لا نريد فرقعات اعلامية، نعم تطور التدريب لكن بشكل بسيط لا يرقى.. لهذا أقترح أن يتوقف التدريب من ستة أشهر إلى سنة وتدرس الجهات المعنية ما لها وما عليها..
وعودا على بدء أقول :- لماذا لا يتحد مركز التدريب الرئيس مع المركز التخصصي ؟ - لماذا لا تتحد جهود التدريب تحت مظلة جهة واحدة ؟ - لماذا لا زالت مباني التدريب مستأجرة ؟ - لماذا لا تستغل وزارة التربية والتعليم اراضيها ومبانيها الملحقة والمتفرعة في مشاريع اقتصادية  كمدخول اقتصادي فتخدم نفسها وتخدم موظفيها!

* ومضة..
العاطلون الباطلون في ما مضى، كانت صورتهم النمطية تتمثل وهم يمسكون الجرائد ويتصفحونها مع شرب الشاي والقهوة جرى عليهم الزمن وزاد عليهم متصفحي الانترنت و مشاهدي اليوتيوب.. هؤلاء البؤساء الذين لا يدركون ما يفعلون في حياتهم وأعمالهم فتجدهم -ذكورا وإناثا- يؤذون بعضهم ويتذمرون كثيرا ويثرثرون فقط ، الذي لا يبدون قولا ويراؤون معتقدين أن هذا طريقهم إلى قلوب المسؤولين والتكسب من خلالهم، الراغبين بحفظ لقمة عيشهم، الذين لا يفرقون بين الصراحة والوقاحة ويهرفون بما لا يعرفون،       هؤلاء الذين يحملون شهادات عليا ويعملون بنمط واحد ونسخة كربونية من بعض ( موظفا او مسؤولا. ) هؤلاء هم الذين أضاعونا!